الجوع العاطفي؛ تعرف أكثر معنا إلى رحلة تذوق أي نكهة وسط نوبة التوتر

faharasnet
نشرت منذ 3 أسابيع يوم 13 أبريل, 2024
بواسطة faharasnet
الجوع العاطفي؛ تعرف أكثر معنا إلى رحلة تذوق أي نكهة وسط نوبة التوتر

مع ثقل وتراكم الواجبات والمهام اليومية، وبدء الضغوطات المهنية، يمكنك أخذ استراحة قصيرة والانتقال للاستمتاع بوجبة طعام دسمة أو خفيفة. لا مشكلة في نوعية الطعام! المهم هو رحلة تذوق أي نكهة وسط نوبة التوتر هذه. تعرف هذه الحالة بالجوع العاطفي. تعرف أكثر معنا إلى أبرز 4 عوامل محفزة له وكيفية إدارته والفرق بينه وبين الجوع الفيزيولوجي.

شرح قراءه الأكواد ا…شرح قراءه الأكواد الغير متوافقة مع فهرس

الجوع العاطفي بين جوع حقيقي وخداع تخيلي

“لقد تعلم الناس التعامل مع المشاعر السلبية، وإيهام أنفسهم بأنهم يشعرون بتحسن عند تناول الطعام”. بهذه العبارة البسيطة عبّر مارتن بينيكس، مدير أبحاث الصحة السلوكية في مركز ديوك والأستاذ المساعد في المركز الطبي لجامعة ديوك في دورهام عن مفهوم الجوع العاطفي مشيرًا إلى أن الإحساس بالجوع مرتبط باستجابة متعلمة مكتسبة، وليس رد فعلٍ طبيعيًا للجسم.

لنتوقف قليلًا ونستقطع فكرتنا هذه لنفهم العلاقة بين الجوع والقلق. عليك بداية أن تدرك وجود نوعين مختلفين من الجوع. أولهما الجوع الفيزيولوجي المعتاد، والذي تشعر به عند يحتاج جسمك إلى الطعام للحفاظ على مخزون الطاقة للنشاط والحركة وأداء مختلف العمليات الحيوية. وعادة ما يحفز الجوع الفيزيولوجي بفعل العمليات البيولوجية في الجسم، كالهضم والتمثيل الغذائي، والعمليات والهرمونية والاستقلابية كإفراز الكورتيزول وغيرها.

يتولد لديك هذا الإحساس بشكل تقلصات معدية، يتسبب بها تصريف الجسم لأي بقايا غذائية قبل الوجبة التالية. وفي حال انخفاض مستوى الغلوكوز في الجسم، ستشعر بوجع خفيف في الرأس وتعب وضعف.

أما النوع الثاني، فلا شكّ أنه لم يعد خفيًا عنك. نتكلم هنا عن محور مقالنا هذا، عن الجوع العاطفي على وجه التحديد. إذ يحدث أن تشعر بالجوع إن كنت معتادًا على تناول الطعام في أوقات منتظمة، أو في بعض المواقف الاجتماعية بينما يأكل الآخرون. أو حتى نتيجة لبعض العواطف التي تتولد كاستجابة لمتغيرات عديدة كرؤية الطعام، او شم رائحته أو كاستجابة للتوتر.

بالعودة إلى الدكتور بينيكس. أفادت دراسات بينيكس أن الجوع العاطفي مكتسب غير فطري، يرتبط بالبيئة التي نشأ الإنسان وفقها. فإن تعلمت تقنيات صحية لإدارة هذه الحالة فمن الممكن السيطرة عليها، وإلا فالطعام سيغدو ملاذك الوحيد. ويعزو بينكيس الإحساس بالجوع في هذه الحالة إلى بعض الهرمونات المعقدة التي تؤثر في الإحساس بالجوع وتتأثر بالإجهاد والنوم.

كتحليل علمي سريع، يمكننا القول إن الأعصاب المسؤولة عن تحفيز استجابة الجوع والإجهاد في الجسم تدفع الغدتين النخامية والكظرية للاستجابة بشكل متشابك بين إحساسي الجوع والتوتر.

عوامل محفزة للجوع العاطفي

أبرز العوامل المحفزة للجوع العاطفي

حاول معي تذكر متى كانت آخر مرة تناولت طعامًا بغرض التسلية، أو ربما أثناء إحدى نزهاتك مع صديق لك. ستجد أن الأمر يتخطى حدود التوتر. إذ تولد مجموعة عوامل رغبتك في تناول الطعام هذه. ومن أبرز العوامل المحفزة لحالة الجوع العاطفي:

الملل

إحساس الملل أو الفراغ هو زناد إطلاق الرغبة في تناول الطعام. إذ يعيش الكثير من الناس حياة صاخبة وجداول أعمال مزدحمة، فلا يذكرون الطعام. بينما يتحولون إلى قضاء الوقت في تناول الطعام في أيام العطل.

العادات

منذ طفولتنا ونحن نخضع لنظام المكافأة. “ادرس لأشتري لك الآيس كريم”، أو “اجتهد في امتحانك فنتناول الحلويات”. شكّلت هذه الأصول التربوية جزءًا من كياننا وشخصياتنا، ونُقشت في ذاكرتنا؛ فبدأنا تطبيقها عندما كبرنا. فلا مانع من تناول بعض الآيس كريم بعد انتهاء العمل، أو شراء التحلية لاستقطاع وقت العمل في تذوقها، وهذا واحد من عوامل الجوع العاطفي.

التعب

في ظل الإرهاق اليومي، وبعد رحلة عمل شاقة؛ لا تعتقد أنك ستتمكن من التفكير بكمية الطعام الواجب تناولها، ولا تستغرب أن يشكل تناولها إشارة إلى عدم رغبة جسمك في القيام بمزيد من المهام.

التأثيرات الاجتماعية

التأثيرات الاجتماعية

هذا هو الجانب الأكثر متعة. فلكل منا صديق يحثّه على تناول بعض البيتزا سويًا، أو قضاء الوقت في أحد المطاعم وجلسة الذكريات الماضية تسيطر على شهيتهما.

لماذا نتناول الطعام عند التوتر؟

تشير الأبحاث إلى وجود فرق بين الجنسين في سلوك التعامل مع الإجهاد، فمن المرجح أن تتحول النساء إلى تناول الطعام عند التوتر؛ في حين يفضل الرجال شرب الكحول أو التدخين. وقد أكدت دراسة فنلندية على ما يزيد عن 5000 شخص من كلا الجنسين ارتباط السمنة وزيادة الوزن بتناول الطعام عند الجوع العاطفي لدى النساء أكثر منه عند الرجال.

قد أفاد باحثون في جامعة هارفرد (Harvard University) ارتباط الجوع العاطفي الناجم عن التوتر بزيادة الوزن غير المبالغ بها. وتوصلت إحدى النظريات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن يملكون مستويات مرتفعة من الأنسولين الذي يرتبط بزيادة الوزن.

إدارة الجوع العاطفي

إدارة الجوع العاطفي

تقول آن وولف، أخصائية التغذية والباحثة في كلية فرجينيا أنه في كل مرة نعتاد فيها سلوكًا معينًا، يتحول هذا السلوك إلى عادة، وللتخلص من هذه العادة، علينا تعلم أخرى جديدة. وبناء عليه إليك أبرز الطرق لإدارة الجوع العاطفي:

برمج دماغك ليقرر

أي أنه من المهم التدرب على إيقاف تفكيرنا بالطعام؛ بل برمجته بطريقة أخرى. فقط اسأل نفسك ما يلي: هل أنت جائع بالفعل أم تشعر بذلك نتيجة التوتر؟ وما سيحدث عندها أن شعور الجوع سيتبدد رويدًا رويدًا، فتبدأ عادتك الجديدة باتخاذ مكان السابقة.

أوجد بدائل للطعام

امنح نفسك الفرصة لإفراغ غضبك وتوترك في شيء آخر غير الطعام، وربما في عادة أكثر صحة. كممارسة التمارين الرياضية. نعم، اتجه نحو الحديقة وابدأ الركض هناك، بدلًا من الركض نحو ثلاجة منزلك. أو حتى اعمد إلى منح نفسك قسطًا من الراحة، تأمل، استرخ، استمع لبعض الموسيقى الهادئة، أو حتى مارس إحدى ألعابك المفضلة كالتنس أو الغولف، أو اتصل بصديق قديم.

تناول الطعام لتخفيف حدة الجوع العاطفي

من الغريب أن ننصحك بإيجاد بدائل له، ثم نقول لتتناول الطعام أليس كذلك؟! انتظر! فالأمران مختلفان. نقصد هنا أن تعتاد تناول بعض الوجبات الخفيفة الصحية على مدار اليوم عندما تشعر بالحاجة إليها. وذلك بهدف تنظيم نسبة السكر في الدم للحفاظ على جسمك وعواطفك مستقرين.

تمرين HALT لإدارة الجوع العاطفي

خذ بضع دقائق لتسأل نفسك بعض الأسئلة البسيطة لتحدد فيما إذا كنت تشعر بأحد الأحاسيس التالية قبل تناول الطعام لتشخيص وإدارة الجوع العاطفي:

  • Hungry
  • Angry
  • Lonely
  • Tired

تتمثل هذه المشاعر في الجوع، والغضب، والوحدة، والتعب. فإن شعرت بإحداها، فهذا مؤشر على عدم حاجتك للطعام، بل إنك تميل إلى تناوله لتشعر ببعض الراحة النفسية لا أكثر. وتنصح إيفلين يوفر، مؤلفة كتاب “الأكل العاطفي” أن تسأل نفسك مجموعة الأسئلة التالية قبيل الاتجاه إلى تناول الطعام:

  • هل أريد حقًا تناول هذا؟
  • هل سأستمتع به الآن أو لاحقًا؟
  • هلل سأتذوق الطعام الآن؟

فإن كانت إجابتك نعم، عندها تناول بعض الطعام. وتأكد وأنت تتناول الطعام عدم إمساكك لهاتفتك المحمول أو مشاهدة التلفاز، أو التحدث مع صديق ما. وجه كل تركيزك نحو تناول الطعام وما تتناوله.

في النهاية، حاول أن تكون واعيًا بشأن حالتك النفسية بشكل دائم. خذ بعض الوقت لفهم نفسك ومرضك، وضغوطك الاجتماعية، ومراحل تعليم أطفالك، ومشاعر الوحدة والفقدان، وما إلى ذلك من مشاكل نفسية وضغوطات. فجميعنا يعاني من حالات مشابهة، لكن ينبغي عليك توجيه نفسك نحو إدارة مشاعرك، والابتعاد عن إغراءات الجوع العاطفي والتفريق بينه وبين الجوع الفيزيولوجي حفاظًا على صحتك.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة