التعامل مع المريض العدواني؛ وأهم المهارات التي تقلل من حدة الموقف

اروى معلا
نشرت منذ 4 أسابيع يوم 11 أبريل, 2024
بواسطة اروى معلا
التعامل مع المريض العدواني؛ وأهم المهارات التي تقلل من حدة الموقف

التعامل مع المريض العدواني (Dealing with aggressive patient)؛ عند مواجهة عنف محتمل تكون استجابتنا كبشر من خلال القتال أو الهروب، لكن في بيئة الرعاية الصحية يعتبر كلا الإجرائين غير مناسب، لذلك يجب تعلم بعض المهارات التي تقلل من حدة الموقف والسيطرة على السلوك العدائي للمريض، وفي هذا المقال سنتعرف على كيفية التعامل مع المريض العدواني، مساعدة المريض العدواني على تغيير نمط حياته وأهم نصائح لمقدمي الرعاية للمريض العدواني.

ما هو السلوك العدواني؟

السلوك العدواني وفقاً لعلم النفس الاجتماعي هو أي سلوك أو فعل يهدف إلى إيذاء شخص أو الإضرار به، ويشتمل العدوان على الصراخ والشتائم والكلام القاسي وأيضاً أعمال العنف الجسدي أو حتى الإضرار بالممتلكات المادية والثرثرة ونشر الإشاعات، فالسلوك العدائي لا ينتهك فقط الحدود الاجتماعية وإنما أيضاً يؤثر على العلاقات ويمكن أن يؤدي إلى عواقب مهنية ونفسية.

قد تكون أصول السلوك العدواني معقدة لذلك يجب تحديدها للتعامل معها بدقة، ومن أهم العوامل المسببة للعدوان هي العوامل البيولوجية أو الشذوذ في بنية الدماغ بالإضافة إلى الكحول والأدوية وبعض العقاقير وأنواع متعددة من الحالات النفسية.

كيفية التعامل مع المريض العدواني

يمكن أن يظهر السلوك العدواني عند المريض بعدة طرق فقد يكون لفظياً أو جسدياً، وربما يكون سببه الأساسي الإحباط من التأخر في العلاج وعدم الاستجابة إلى جانب القلق، لذلك من الضروري فهم أسبابه وآثاره على المريض وخطة العلاج وهنا سنتعرف على كيفية التعامل مع المريض العدواني وأفضل الأساليب لتجنب آثاره السلبية:

التثقيف الذاتي حول المريض العدواني ضمن (Dealing with aggressive patient)

يعتبر الوعي والتثقيف الذاتي من أهم أساليب التعامل مع المريض العدواني التي يجب على كل مقدم رعاية أن يكون ملماً بها، وهذا يندرج ضمن منهج إدارة وضبط المواقف العدائية للمرضى من خلال فهم طبيعة المريض العدواني جيداً وتفهم حاجاته الأساسية. بناءً على ذلك يجب أن يكون جميع مقدمي الرعاية الصحية مؤهلين تماماً ومجهزين بالمعرفة لتحديد السلوك المهيج وأن يمتلكو جميع المهارات اللازمة لتهدئة الموقف العدواني المحتمل للمريض.

تحديد السبب ومراقبة سلوكيات المريض

من المهم جداً التحدث إلى المريض لمحاولة تحديد سبب سلوكاته مع المحافظة على الهدوء ونبرة الصوت ولغة الجسد المطمئنة، والاستفسار عن سبب إحباطهم فقد يكون المرضى قادرين على إعطاء سبب محدد أو قد يضطر مقدم الرعاية إلى استنتاج أسباب واستبعاد أسباب أخرى خاصة إذا كان المريض يعاني من ضعف الإدراك.

فعندما يتم تحديد السبب قد يكون الحل بسيط ويمكن التوصل مع المريض إلى اتفاق حول طريقة للمضي قدماً، وأحياناً يكون كل ما هو مطلوب من القائم على الرعاية هو تخصيص الوقت الكافي للاستماع إلى المريض وطمأنته. مع ضرورة الحذر ومراقبة السلوكيات التي يقوم بها المريض والتي تعبر عن إنفعاله مثل الشد على قبضة اليد أو التحديق بشكل مباشر.

خفض التصعيد والحفاظ على بيئة آمنة

يعتبر فن خفض التصعيد أداة لا تقدر بثمن، وهو يدل على المهارات اللفظية وغير اللفظية التي تقلل من مستوى عداء المريض إذا تم استخدامها بشكل انتقائي ومناسب، وأيضاً الحفاظ على السلوك الهادئ والاستماع النشط يمكن أن يساعد على استرخاء المريض وهدوئه والتفاوض بدلاً من فرض السيطرة.

من المهم أيضاً أثناء التعامل مع المريض العدواني أن يشعر بالأمان لذلك من المهم إظهار بعض مشاعر التقرب والمحبة مع الحفاظ على المساحة الشخصية للمريض مما يرفع مستوى الأمان والطمأنينة لديه وهو يعتبر من أسس التعامل مع المريض العدواني.

توفير فرصة للمريض للتنفيس عن غضبه

من الأمور الهامة جدا في التعامل مع المريض العدواني وخاصة بعد الاستماع الفعال له وتحديد سبب سلوكياته، أن يتم توفير فرصة للتنفيس أو التعبير عن الغضب وخاصة عند ملاحظة ظهور إحدى علامات الاستياء أو العدائية، لأن ذلك لا يوفر للمرضى الراحة من خلال التعبير عن إحباطهم وما يشعرون به من سوء فقط وإنما له دور في التقليل من إحتمالية حدوث عنف جسدي أو لفظي.

مساعدة المريض العدواني على تغيير نمط حياته

يمكن أن تكون بعض التغييرات في نمط الحياة الخاص بالمرضى العدائيين مفيدة في إدارة الغضب والتحكم في السلوك العدواني، فإن مساعدة هؤلاء المرضى على اتباع نمط حياة صحي يعتبر من الأسس الهامة في التعامل مع المريض العدواني، فيما يلي أهم الأمور التي يجب تطبيقها عند التعامل مع المريض العدواني للحصول على حياة صحية:

تناول الطعام بشكل منتظم

يجب تقسيم وجبات الطعام وتناولها على فترات منتظمة وغير متباعدة، لأن انخفاض مستوى الجلوكوز (glucose) في الدم يزيد من التهيج والعدائية لدى المريض، وأثبتت الدراسات أن المرضى الذين يتناولون طعامهم بانتظام تكون لديهم ردود أفعال أفضل تجاه المحن والصعوبات. اثبت أيضاً أن الحفاظ على مستوى مناسب من الفيتامينات والأحماض الأمينية بالإضافة إلى مستوى ثابت من الجلوكوز في الدم يقلل من نسب العدوانية والمشاكل العامة لأن ذلك يساعد على تكوين قدر أكبر من ضبط النفس.

الابتعاد عن تناول الكحول

يؤثر شرب الكحول على الأشخاص بشكل مختلف، فبعض الناس الذين يفرطون في تناول الكحول يصبحون منعزلين وخاملين، والبعض الآخر يصبح غاضباً ومثيراً للجدل فيمكن أن يؤدي الشرب إلى الغضب الشديد والسلوك العدواني. يمكن أن يؤدي الغضب إلى الإفراط في الشرب وتناول الكحول بشكل عام، فمن الضروري مساعدة المريض العدواني على الإقلاع عن الكحول بشكل كامل لأنه يؤثر على مستوي الوعي والحكمة اللازمة لضبط الانفعال والغضب في المواقف الحياتية.

النوم بشكل جيد

ترتبط قلة النوم أو سوء نوعية النوم وجودته بالتوتر العام وتؤثر على ضعف اتخاذ القرار وأيضاً الميل إلى الاستجابة بغضب في معظم المواقف مما يؤدي إلى السلوك العدواني، حيث أطلق على هذا النوع من الغضب الناجم عن قلة النوم اسم “Slanger”.لذلك من الضروري مساعدة المريض العدواني على النوم لعدد ساعات محددة من ست إلى ثماني ساعات في اليوم، مع ضرورة تقديم النصائح حول النوم الصحي الجيد لتحسين طول ونوعية النوم عندهم.

الحفاظ على درجة حرارة مناسبة

أثبتت الدراسات أن الغضب البشري والسلوك العدواني يتصاعد مع ارتفاع درجة الحرارة المحيطة، لذلك يجب أن نضع في اعتبارنا درجة الحرارة التي يعمل ويعيش بها المريض العدواني والعمل على مساعدتهم في ضبطها من خلال شراء مروحة صغيرة أو مكيف للهواء أو حتى فتح نافذة مما يساعد على توفير بيئة ملائمة خالية من العوامل التي تزيد من التوتر والانفعال المؤدي إلى السلوك العدواني.

إضافة الموسيقى والألوان والروائح إلى الحياة

تؤثر الموسيقى بشكل كبير على المشاعر حيث أثبتت العديد من الدراسات أن الموسيقى الهادئة والناعمة تقلل من الغضب والعدائية، بينما تؤدي الموسيقى العالية الكثافة أو الصاخبة إلى زيادة مستوى التوتر والسلوك العدواني، لذلك يجب دمج الموسيقى الهادئة في حياة المريض العدواني.

كما أن الإضاءة الطبيعية التي تكون ملونة غير باهتة لمكان العمل والحياة والتي تنبعث منه رائحة منعشة تؤثر بشكل كبير على نوعية مشاعر الشخص، لذلك يجب مراقبة بيئة المريض العدواني والحرص على توفير كل من هذه العوامل فيها مما يساعد على خفض التوتر وعيش حياة هادئة.

نصائح لمقدمي الرعاية للمريض العدواني

يمكن للمرضى أن يتصرفو بطريقة غير مناسبة ويتحولوا إلى أشخاص عدائيين، وخاصة إذا شعروا أنهم يتعرضون للتجاهل فغالبية المرضى يحتفظون بتوقعات عالية وغير واقعية حول إمكانية الشفاء والعلاج مما يزيد من إحباطهم ويجعلهم عدائيين، وهذه أهم النصائح لمقدم الرعاية والتي تساعده على التعامل مع المريض العدواني:

  • الحفاظ على الهدوء عند التعامل مع المريض العدواني:
    يذكر أن 80% من التواصل بين البشر غير لفظي، فمن المهم جداً الحفاظ على الهدوء العام وعدم إظهار الإثارة وهذا يتضمن التواصل البصري ونبرة الصوت الهادئة ولغة الجسد المحايدة، وهذا يعتبر من الأمور المهمة في التعامل مع المريض العدواني.
  • إظهار التعاطف:
    يمكن لمقدم الرعاية إظهار تعاطفه من خلال الشرح بصوت واضح مدى تفهمه للمريض وسبب السلوك العدواني ورغبته في المساعدة مما يساعد على زيادة الثقة وزوال المخاوف.
  • المحافظة على مسافة مادية مناسبة:
    من المحتمل أن يؤدي السلوك العدواني للمريض إلى العنف الجسدي، وبالتالي إلحق الأذى بمقدم الرعاية لذلك يجب عدم إدارة الظهر للمريض والوقوف بجانب باب مفتوح والحفاظ على مسافة مناسبة.
  • الوقوف بوضعية غير دفاعية:
    يساعد إظهار وضعية غير دفاعية على خفض تصعيد الموقف العدواني لدى المريض، وذلك من خلال إبقاء اليدين إلى الأمام مفتوحتين بشكل مريح مع الاتصال المناسب بالعين بدون التحديق مما يساعد على الهدوء والحفاظ على مظهر محايد.
  • اطلب المساعدة عند التعامل مع المريض العدواني:
    في بعض الأحيان لا تنفع أساليب التهدئة وخفض التصعيد وإظهار التعاطف والمودة في تهدئة الموقف عند التعامل مع المريض العدواني، فعند الشعور بفقدان السيطرة على الموقف تقدم بطلب المساعدة من خلال الاتصال بالأمن أو الشرطة.

ما هي السلوكيات العدوانية للمريض؟

تنقسم السلوكيات العدوانية إلى:

  • العدوان اللفظي الموجه نحو الأفراد كالشتم، والألفاظ البذيئة، والاستفزاز.
  • العدوان البدني كالضرب، والركل، والبصق، والتهجم الجسدي.
  • العدوان الموجه نحو الممتلكات بالتدمير والتكسير والتخريب المتعمد.
  • العدوان البدني الموجه نحو الذات مثل ضرب الرأس بالحائط، أو شد الشعر، أو قضم الأظافر، أو إحداث جروح جسدية.

هل السلوك العدواني وراثي أو مكتسب؟

أظهرت دراسة كندية حديثة أن العوامل الوراثية تلعب دورا في تطور السلوك العدواني لدى الأطفال الصغار، إضافة إلى العوامل البيئية. ‬ وأيضاً تعتبر العدوانية سلوك مكتسب لدى الطفل نتيجة للملاحظة والتقليد.

في الختام، تعرفنا في مقالنا هذا على التعامل مع المريض العدواني (Dealing with aggressive patient)، مساعدة المريض العدواني على تغيير نمط حياته، أهم 5 نصائح لمقدمي الرعاية للمريض العدواني، حيث يعتبر السلوك العدواني واحداً من أصعب المواقف التي يمكن أن يواجهها مقدم الرعاية الصحية أثناء قيامه بواجبه، ومن الضروري تعلم بعض المهارات التي تساعد على السيطرة على الموقف والتقليل من آثاره.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة